لحظات فاصلة
كنت
أسير فى طريق عودتى إلى المنزل وللمرة الأولى أتأمل من يسيرون حولى. أصوات
وحركات؛ وجوه أشخاص أراها للمرة الأولى وربما لن أراها ثانيةًَ، ترتسم على
بعضها مظاهر الفرحة والسرور وعلى البعض الآخر ترى عليه علامات الحزن
والقلق ولربما وجدت الغضب أيضا. ألوان وأشكال من الناس تمر على، وسرحت فى
خيالى وفلسفتى التى لم أجد مفرا منها .
وبينما أنا على حالتى
هذه رأيته أمامى واقفا كان ينظر إلى، فرفعت عينى لأعرف من هو. كان شابا
وسيما ترتسم على وجهه علامات الذكاء، وفجأة توقفت كل تلك الأفكار
المتدافعة على رأسى ونظرت فى عينيه.
عينان واسعتان لم أر لهما
مثيلا طوال حياتى، باردتان كالثلج، سوداوان كظلام الليل .رأيت فيهما الخوف
والذعر، صرخات ألم وصرخات يأس، رأيت النهاية.... عينان وكأنهما سجلا لكل
معاناة البشرية من صراعات وحروب وموت .
أدرت رأسى عنه قليلا
محاولة أن أوهم نفسى أنه مجرد خيال. عاودت النظر ولكنه لايزال واقفا أمامى
بلا حركة أو كلمة ودون أن يبعد ناظريه عنى ولو للحظة .
ومرة
أخرى تأخذنى عيناه؛ وهنا لاحظت بريقا كنت قد غفلت عنه، والغريب أنى رأيت
فيهما هذه المرة الراحة والسكون، الأمل والسعادة، رأيت البداية....
تساءلت كيف يمكن للبداية والنهاية أن يجتمعا ؟! وحينها فقط أدركت من هو...
ولم
تدم أفكارى طويلا فقد جذب أنتباهى صرخات واستغاثات، أصوات متداخلة وأياد
تمتد لتحملنى إلى سيارة إسعاف....انتبهت إلى ما يدور من حولى..طبيب ودماء
والكثير من الوجوه الواجمة.
وعندما نظرت إليه مرة
أخرى رأيته يبتعد راحل،ا فابتسمت فى راحة ،ولكن نبض بداخلى كان يستثيغ
وجوده ،هاتف يناديه ليعود وإذا به يلتفت إلى ليرمقنى بنظرة باردة طويلة
وكأنها الأمد ووقف فى هدوء وقال لى كلمة واحدة "الحياة" لفظها ثم أختفى .
لقاء غريب ورحيل أغرب ترك بداخلى تساؤلات عديدة وأقواها ..كيف للموت أن ينطق باسم الحياة ؟!
وبعد أن انقضت تلك اللحظات الفاصلة أدركت أن الموت والحياة ماهما إلا وجهان لعملة واحدة...........
موضوع: لحظات فاصلة 
الإثنين أكتوبر 06, 2008 7:59 pm
