بقلم
انتصار طايل
رمضان مبارك علينا جميعاً ان شاء الله ,,, اللهم أهلَّه علينا بالخير واليمن والبركات ومزيد من صالح الأعمال . آمين
اتوقف أحياناً عند آية من آيات الله فى القرآن بعد ان كنت امر معها مر الكرام وفجأه اتفحص الآية والمس الحكمة الإلاهية
وحسبما تفسرها مشاعرى كفقه شخصى
سنتناول هنا معاً بعض الآيات التى وقفت عندها مشاعرى وتأملتها من فقهى الشخصى
كثيراً ما نسمع من افواه المسلمين كلمة ( المؤمن دائماً منصاب ) ويعتز قائل هذه العبارة فرحاً بأنه مؤمن فريد من نوعه وان الله عز وجل توَّجَه ُ بتاج البلاء والإبتلاء وان البلاء دلالة لصاحبه على انه مؤمن عظيم وهذا مفهوم ليس بالصواب لأن الإبتلاءات تساعد المؤمن على التخلص من قدرة ذنوبه الممتلئة وهى اختبار لقوة الصبر وقوة الإيمان
يقول الله عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم ,,,,,, « ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون » صدق الله العظيم
(البقرة ــ آية 155 ــ 157)
يعطى الله الفرصة لعباده للعودة اليه والإنابة عن طريق البلاء كفقد أمواله وخسارة تجارته او موت احد او ابتلاء المؤمن بالمرض ومن الناس من يسخر صحته فى قهر الناس وممارسة قوته فى الظلم والإعتداء فيرسل الله المرض لكى يعلم صاحبه كم من الله عليه بنعمة الصحة ولم يشكره عليها بتقديم صالح الأعمال والمؤمن القوى ليس الله فى حاجة لأن يختبره وهو يعلم قوته الإيمانية
ولنضرب مثال المرض مع سيدنا ايوب ابو الصابرين عليه السلام ( واذكر عبدنا ايوب ) لقد منحه الصبر على المرض عند الله مرتبة الأنبياء حينما يزيد المرض قسوة وتزيد معه قوة الإيمان وتتجلى عظمته حباً فى الله هذا هو الابتلاء الجسمانى
الإبتلاء الروحى او النفسى
الخوف ايضاً بلاء من الله حينما يعيش المؤمن فترة من حياته فى خوف وقلة أمان وتزعزع نفسى وعصبى فالمرضى النفسيين ومرضى الرهاب ( الخوف العصبى ) هم مبتليون من الله ابتلاء نفسى والجوع والفقر من ابتلاءات الله
ترى البعض يقولون يارب خذنى وريحنى من العذاب استغفر الله العلى العظيم وهذا ليس الصبر الكامل العظيم
ان الله سبحانه وتعالى يشير فى هذه الآية عن أجر الصابرين فى تحمل البلاء واحتسابه عند الله فى الصبر على مكابدته
قائلين انا لله وانا اليه راجعون
ان الله عز وجل طيب كريم وطيبة الله لا يمكن ان تدركها المشاعر والقلوب لكثرتها وهو الحنان المنان قديم الإحسان العظيم
اذ ان الله عز وجل يستحى ان يعذب عبد من عباده المقربين المحببين الى نفسه فالمؤمن الذى اخلص الى الله واتقى وتفانى حباً فى الله لا تجد الله امرضه وافترش جسده بالمرض والألم
بمعنى اذا كان لك صديق طيب ودود يضحى فى سبيلك وتفانى فى الإخلاص اليك فأنت لايمكن ان تقهره او تعذبه او تسىء اليه .
سنتناول هنا
1 - العذاب نوعين دنيوى وأخروى .
2 - والنجاة نوعين روحى وجسدى .
3 - هناك من يقرون بوحدانية الله والوهيته و يتساوون فى سخط الله وعذابه كافرين ( انهم يعترفوا بوجود الله ويقرون به لكنهم تعالوا فى الأرض وافسدوا وجحدوا نعمة الله عليهم ونكروها ولم يقروا بها فأصبحوا كافرين وتذكروا ان الشيطان يقر بوجود الله ويقر بوحدانيته لكنه كفر بمعصيته لله عز وجل و حرم من رحمته ونال لعنة الله وغضبه الى يوم الدين ( وان عليك لعنتى الى يوم الدين وقارون كان مؤمناً لكنه جحد وكفر بانكاره نعم الله والإقرار بفضله وانه هو الرزاق والمنان وحده لا شريك له واغتر بنفسه كما اغتر الشيطان فخسف الله به وبداره الأرض )
4 - وكما اشرنا الإبتلاء المرضى نوعان جسدى ونفسى
ولولا رحمة ربنا بنا ومنه علينا بالتوبة والإستغفار لهلكنا مع الهالكين فلقد تلقى آدم كلمات من ربه فتاب عليه حين عصى امر ربنا هو وزوجته وأكلا من الشجرة
فلقد قال آدم معتذراً وآسفاً الى الله ربى انى ظلمت نفسى فإن لم تغفر لى وترحمنى لأكونن من الخاسرين فغفر الله تعالى له
أما الشيطان فقد عصى أمر الله بالسجود لآدم ثم تكبر وتعالى وضن على نفسه المغرورة الإعتذار الى الله وطلب العفو والمغفرة فخسر نفسه وكان من الملعونين ( وان عليك لعنتى الى يوم الدين ) صدق الله العظيم
ان الله عز وجل حرم العذاب على من أحبهم , وبث عذابه للظالمين والمجرمين ويا اخوانى ليس المجرمين هم الكافرين او المشركين فقط وانما يوجد مجرمين مسلمين وايضاً عذاب الله ليس فى الآخرة فقط وانما يوجد عذاب فى الدنيا ايضاً وهذا يمن به الله على من اراد ان يرحمه فعذبه فى الدنيا لتكفير ذنوبه وخطاياه بدلاً من الآخرة لأن عذاب الدنيا ارحم ففى الدنيا يوجد المرض ومختلف المصائب اما فى الآخرة فلايوجد الا نار الجحيم وقد اشار الله للآخرة انها لا مرض فيها ولاموت حينما تكلم عن الجنة وقال سبحانه ,,, لا يصدعون فيها ولا ينزفون ,,,,, اى لا صداع ولا مرض ولا نزف ( دموى او بولى او مخاط انف وفم )
هناك من يمرض فى حالة وسط اى لا يثقل الله عليه مرضه وهناك من تراه توغل فيه المرض كالوحش المصعور والعياز بالله ويظل فى صراع طويل مع المرض حتى ينسلخ جسمه بقرح الفراش وكأنما وضع فى ماء مغلى ( يرحمنا الله ويشفى مرضانا ويرحمهم برحمته ويغفر لنا جميعاً
شىء مهم لا يلتفت اليه غالبية الناس وهى الطامة الكبرى الا وهى ( المعامله ) فأناس مؤمنون مصلون وحاجون البيت عذبتهم معاملاتهم وجورهم وظلمهم شر عذاب ولا حاجة لله فى صلاتهم وقيامهم وركوعهم وسجودهم
ان الله سبحانه وتعالى يتسامح فى حقه عند المؤمن الظالم بمجرد التوبة والإستغفار فكم هو رحيم عز وجل انما لا يتسامح الله فى حق عبده المظلوم لأن هذا يخصه هو حتى يتصافى الطرفان ويستسمح الظالم من ظلمه ويتصافى معه فى الدنيا قبل الحضور فى عالم الآخرة .
الإيمان يا اخوانى ليس عبادات وصوم وصلاه وحج وكفى انما هو معاملات حسنة ايضاً ( ان الدين المعامله )
فحذارى ان تظلم احداً او تجور على حقه او تقهر انسان او تعذبه لقد شكر الله رجل سقى كلب فى الصحراء كان يلعق الثرى من العطش هذه صوره معاملة انسان لكلب فما بالكم لأخيه الإنسان
( بينما رجل يمشى فى الصحراء فاشتد عليه العطش فنزل ببئر فشرب منه وبينما هو يمشى رأى كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش فعاد للبئر وملأ خفه وسقى الكلب فشكر الله له ( وما اعظم ان يشكر الله عبد منا فمن يطول هذا الشرف العظيم من الإله العظيم ؟ كم انت متواضع جميل يارب ما اعظمك فرئيس الجمهوريه يتعالى ان يشكر واحد من الرعية )
بسم الله الرحمن الرحيم ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً فى الأرض ولا فسادا) صدق الله العظيم
هذه الآية قيلت فى القصص القرآنى عن قارون الذى علا وتكبر ونكر ما انعم الله عليه وادعى انه على علم من عنده اى انه حصل على كنوزه وثرواته بخبرته الشخصية لعنه الله هو وفرعون
يوجد مفسدين مؤمنين وكان قارون من اهل سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام اى كان ابن عم سيدنا موسى ومؤمناً لكنه كفر وتكبر على الله بإنكاره نعم الله عليه ( فخسفنا به وبداره الأرض ) . فإيمان المرء بوجودية الله مع حجوده لنعمه وافساده فى الأرض يخسره ايمانه ويتساوى مع الكافرين فى المستوى والعذاب
ان اشهر سكان قاع الجحيم والعياز بالله منها هم الشيطان وفرعون وقارون ومن مثلهم من الذين جاءوا فى أمم ما بعد نزول القرآن .
النجاه :
لفتت نظرى الآية الكريمة فى قول الله لفرعون وهو يغرق ويلفظ الشهادة ويقر بالإيمان اذ قال الله تعالى له :
اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية صدق الله العظيم
إذاً النجاة عند الله نوعين نجاة روح ونجاة جسد ولقد أمر الله سبحانه ان تحفظ الحياة جسد فرعون وكل من غرقوا معه من اتباعه ولم ينجى حياتهم كما انجى موسى ومن معه من المؤمنين عليهم جميعاً السلام
ونجاة فرعون الجسدية هى دنيوية للعبرة لأن جسده من نصيبب النار فى الآخرة . ولقد ادعى المصريون علم التحنيط الفرعونى وحشروه فى سجل التاريخ وانا اقول من هنا ليس هناك تحنيطاً ولا يحزنون ولكن الذين يشاهدون جثثهم الباقية سليمة لهذه الساعة هم غرقى فرعون واتباعه فى اليم الذى ولج اليه موسى واعدائه ونجى الله اجسادهم لتكون عبرة لمن بعدهم
وايضاً مسألة بناء الهرم ذكرها الله تعالى فى القرآن عندما قال فرعون ( ابنى لى يا هامان صرح كى اطلع الى اله موسى )
الغبى كان يعتقد ان الهرم الذى أمر بتشيده وارتفاعه سوف يجعله ينظر داخل السماء ويرى الله ثم بنى خفرع ومنقرع على شاكلته باقى الأهرامات اقتداء ً وفخراً بجدهم .
خلاصة الموضوع
وددت ان اقول الإيمان بوجود الله وبوحدانيته ليس كافياً وانما الإقرار بنعم الله والخشوع له وتقواه فى كل شىء ابتغاء مرضاته فكم من مؤمنين عصاه مسواهم النار يتساوون فى الكفر والضلال
وكم من صلاة وعبادات غير مقبولة ندعوا الله ان يهدينا ويتقبل منا عباداتنا وصلواتنا وزكاتنا وصدقاتنا وحجنا وصالح اعمالنا
وانتبهوا لمعاملتكم الى الناس واحذروا قهر العباد
احسنوا معاملة الناس يحسن الله اليكم وارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء ولا تنسو ان المرء الذى يحبه الناس يحبه الله لأنه طيب احبه الجميع لخلقه وحسن تعامله واحذروا الفساد والظلم فى الأرض
وقال الله سبحانه
ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى احسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كانه ولى حميم . صدق الله العظيم
اى ان المعاملة الطيبة كفيلة ان تحول عدوك الى صديق